السبت، 17 أبريل 2021

 الدرس الثاني : الإحالة في الأسماء والأفعال والحروف

أ.منجي العمري - جامعة منوبة

اضغط هنا لتحميل الدرس في صيغة pdf

اللفظ في العربيّة يرتبط في أذهاننا بمعنى محدّد يحيل على شيء موجود في الواقع. فكلمة [أزرق] لفظ يدلّ على معنى محدّد [وهو لون مخصوص مفهوم عند المتكلمين بالعربيّة] ويحيل هذا اللفظ على شيء معروف في الواقع [حقيقة اللون الأزرق كما نعرفه]، فهل هناك فرق بين مدلول اللفظ في الذهن وما يحيل عليه من حقيقة في الواقع؟

إنّ ما يفهمه العربيّ في العصر الجاهليّ من لفظ [الأزرق] يختلف عمّا نفهمه نحن في عصرنا فهو لفظ يحيل على كثير من الألوان عنده مثل [الأزرق = البنفسجي= الأزرق السماوي...] أمّا عندنا  فالأزرق لون يختلف في أذهاننا عن الأزرق السماوي واللون البنفسجي. يدلّ ذلك على أنّ الإحالة على الشيء ترتبط أساسا بما يقصده المتكلّم وليس من الضروريّ أن تطابق الواقع. فالمرجع إذن هو ما يحيل عليه المتكلّم سواء أوُجد أم لم يوجد في الواقع. ومن أمثلة ذلك: جحا / شهرزاد / القيروان / شهامة / الحريّة / السندباد / دجلة/ زقفونة/ علي بابا.

فهذه الأسماء بعضها يحيل على شيء متخيّل لا يوجد إلا في أذهاننا وبعضها يحيل على شيء حقيقي موجود في الواقع وبعضها مجرّد نعترف بوجوده دون تحديده مادّيا.

 ونلاحظ أنّ الكلمات في العربيّة (اسم/فعل/حرف) لا تحيل فقط عن طريق الاسم بل كذلك عن طريق الأفعال والحروف. فالفعل [جَلَسَ] يحيل في الواقع على حدث الجلوس في المكان وقد اقترن بزمان الماضي. والحرف [فى] يحيل عادة على علاقة الظرفيّة. وهكذا يختصّ كلّ قسم من الكلمات بنوع من الإحالة على الموجودات في الواقع:

                                      أقسام الكلام

اسم                               فعل                                      حرف

ذات                              حدث  (+زمان)                       علاقة

رجل/علم                             جلسَ/ فهم                                     في/ إلاّ

لكن هل تلتزم كلّ المفردات في المعجم بهذا التقسيم في الإحالة؟

 ـ بعض الأسماء قد تحيل على علاقة الظرفيّة (قبل، بعد) أو علاقة الوصل (الذي، التي، مَنْ).

 ـ وبعض الأفعال قد تقتصر على الإحالة على الدخول في زمان دون الحدث (كان، أصبح، صار)،

 ـ بعض الأفعال  لا تحيل على حدث حقيقي بل على الاقتراب منه: أفعال المقاربة (كاد، اوشك).

1 ـ الأسماء ودلالة الوحدات المعجميّة على الموجودات:

الأسماء في العربيّة لا تحيل في دلالتها المعجميّة على الموجودات بنفس الطريقة

نوع الاسم

الإحالة المعجميّة

مثال

اسم العلم

إحالة على علم: يتعلّق بذات واحدة دون غيرها

أحمد، بغداد، القيروان

اسم الجنس                                              اسم عين

                                                                اسم معنى

إحالة على جنس: ذوات مادّية  تُرى بالعين

حصان، سفينة، قلم، بحر

إحالة  على جنس: ذوات معنويّة تُفهم عقلا

حبّ، كرم، علم غفران

الاسم المشتقّ

دلالة الجذر  [+ الدلالة الاشتقاقّة]

(معنى الجذر)+ الفاعلية / المفعوليّة

(معنى التدوين) + كاتب  / مكتوب

الاسم الموصول

يحيل على ذات مبهمة

إحالة غير مباشرة عن طريق سياق القول (الصلة)

الذي سبق التي اللذين اللذان اللتان التين الذين

اسم الاستفهام

ذات مبهمة

مَا، ماذا، مَنْ، أيُّ (ذات مبهمة)، كيف (حال مبهمة)، أين،متى (مكان/زمان مبهم)،

اسم الإشارة

ذات مبهمة في الخطاب

 يُشارُ إليها قربا بعدا  ونعرفها من خلال المقام

هذا، هذه ذاك،

ذلك تلك، أولئك،

الضمير  ()

إشارة إلى ذات مبهمة  نعرفها بسياق القول (الغياب) أو المقام (المتكلّم/والحضور)

 الأمر علمته ( ـه: عائد/ الأمر مفسّر)

 إياك أنتنّ  نحن

اسم العدد

إشارة  إلى عدد الذوات

واحد، اثنان، عشرة، مئة وواحد، ألف ومئتان

الاسم المعرّف بـ ال

إحالة عهديّة/ جنسيّة / موصول/ زائدة (علميّة)

المدير ، الشجر،الابن،الكاتب،الشنفرى

 

1 ـ إحالة الألف واللام في الاسم :

إنّ (ال) لا تدلّ على التعريف مطلقا بل فيها طرق مختلفة في التعريف. فالاسم المعرّف يُعرّف بحسب دلالة الألف واللام على مقولة التعريف بثلاثة طرق: تعريف العهد باستخدام (ال العهديّة) وتعريف الجنس بـاستخدام (ال) الجنسيّة:

1ـ الألف واللام العهديّة: وتسمّى أيضا تعريف العهد:

    ويقسّم هذا التعريف إلى نوعين:

أـ عهد ذِكريّ: وتسمّى أداة التعريف (الألف واللام العهديّة) أي تعريف اسم معهود في الخطاب السابق ومعروف لأنّه مذكور سابقا. ومثال ذلك: (زيد قدّم لك الكثير فلا تظلم الـرجل) فالألف واللام في الرجل تعود على زيد فهي تعود على اسم مذكور في الخطاب سابقا ومعهود عند من يسمعك وهو (زيد) الذي عهدناه في الخطاب سابقا.

ب ـ عهد ذهنيّ/ علميّ: أي اسم معروف في الذهن بين المتكلّم والسامع دون أن يكون قد ذُكر سابقا في الخطاب. فعندما يخرج أحدهم من الإدارة يقول لك: (قابلتُ الـمدير) فهو قد استعمل اسما معرّفا معهودا في ذهنك ومعروف فهما عندك دون حاجة لذكر سابق في الخطاب. ولذلك يسمّى عهدا \نيّا أو عهدا علميّا

ج ـ عهد حضوريّ: عندما يكون المرجع المتحدّث عنه موجود أمامك في مقام التلفّظ (كتاب مثلا)  يمكنك أن تقول (قرأت الكتاب) وأنت تقصد ما هو أمامك فيفهم السامع المقصود وهو ذلك الكتاب الحاضر في المقام.

2ـ الألف واللام الجنسيّة1: استغراق صفات الجنس:

تسمّى أداة التعريف (الألف واللام الجنسيّة) أي أداة التعريف التي تعود على اسم جنس عامّ يدلّ على نوع معروف وحقيقة عامّة مثل (الكلام، الإنسان) فهي تبيّن الماهية العامّة للجنس (النبات، الماء، النار) ولا تتعلّق بشخص أو شيء محدّد. فالمقصود مثلا من الماء في الآية الكريمة (وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ)  الماء عموما وليس ماء بعينه وفي صحيح البخاري (بَاب الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ) لا نقصد رجلا معيّنا ولا كلّ الرجال بل النوع بصفة عامّة.

لاحظ أنّنا بقولنا (الرجل له واجب الإنفاق) لا نقصد كلّ فرد دخل في جنس الرجال بل نقصد الخصائص العامّ لجنس الرجل فليس كلّ الرجال لهم أسرة. وكذلك القانون عندما يقول. (الابن يرث مقدار كذا). لا نقصد كلّ ابن فقد لايرث بعض الأبناء شيئا من أب فقير وإنّما المقصود الصفة العامّة في ذلك الرجل أو الابن والمقصود نوع من الأفراد في المجتمع (الابن، الرجل) أي جنس الابن وجنس الرجل. ولذلك تستغرق ال الجنس دون سائر الأفراد.

3ـ الألف واللام الجنسيّة2:   استغراق الجنس+ استغراق جميع أفراده

الابن لا يستطيع ردّ الجميل/الرجل من تجاوز سنّه ثمانية عشر. في هذين المثالين نقصد كلّ ابن وكل رجل على خلاف الفقرة السابقة: إنّ دلالة (ال) تسمّى هنا استغراق أفراد الجنس. فماهو المقصود به؟

هذه (ال) جنسيّة أيضا لكنّها تضيف إلى الأولى معنى آخر هو دخول كلّ فرد من ذلك الجنس ضمن تعريفها. فهي تستغرق كلّ أفراد الجنس. كيف ذلك؟

 المقصود أنّ الألف واللام لا تقصد الجنس العام فقط  بل تستغرق كلّ فرد منه.  فعندما نقول (الألوان انعكاس للضوء) نقصد كلّ لون. نعرف هذه الدلالة بـإمكانيّة تعويض (ال) بـ (كلّ) أو (أيّ) ولا يختلّ المعنى. بينما لا يستقيم التعويض في (ال) الجنسيّة.

خلاصة ذلك:

تعريف الاستغراق يقسّم إلى نوعين:

ـ الاستغراق باعتبار حقيقة الأفراد: أي الاسم المعرّف يتناول كلّ فرد ويستغرقهم جميعا في ذاتهم ففي الآية الكريمة: (وخلق الإنسان ضعيفا) المقصود كلّ إنسان في حدّ ذاته وفي حقيقته.

ـ الاستغراق باعتبار صفات الأفراد: فعندما نقول (أنت الفارس) نقصد كلّ صفات الفرسان لا الفرسان جميعا. ولذلك يصحّ إدخال كلّ قبلها (أنت كلُّ الفارس) ومن ذلك (كلّ الصيد في جوف الفرا)

هناك نوعان آخران من أداة التعريف (ال) غير العهديّة والجنسيّة.

1ـ ال: الموصولة: هي عبارة عن موصول اسميّ تدخل (الْ)الموصولة  على وصف صريح غير تفضيل مثل اسم الفاعل (الـمقيم  الصلاةَُ) أو اسم المفعول (الــمضروبُ على جبينه) أو الصفة المشبّة (الــحسنُ الوجه) يمكن تعويضها بـالذي (الذي يقيم الصلاة/ الذي ضُرب على جبينه/ الذي حَسُنَ وجهُه). لكن دخولها على الاسم الجامد (الرجل، الأسد، الكتاب) يجعلها للتعريف.

2ـ ال: الزائدة: نجدها في اسم العلم الذي يفوق الاسم المعرّف في درجة التعريف لذلك لا تزيده (ال) تعريفا. السموأل، المأمون، الحسن..

 

أداة التعريف

 

كيف تحدث الإحالة على مدلول الاسم المعرّف بـ "ال"؟

 

 

 

ال العهديّة

(الـ)ـرسالة وصلتني

 

 عهد ذكريّ:قرأت رسالة كتبها المعرّي. كانت الـــرسالة خياليّة (عُرّف لأنّه ذكر سابقا)

          ذُكرت سابقا

 عهد ذهنيّ (العلميّ): هل ستنجح الـــحكومة ؟ (ما نعرفه ذهنا دون حاجة إلى ذكر سابق)

 (اسم معرّف ذهنا دون حاجة إلى وجود ذكر سابق) 

 

ال الجنسيّة

(الـ)ـطالب

 

 

 استغراق خصائص الجنس دون جميع أفراده

 نقصد الجنس عموما ولا نقصد كلّ فرد فيه: الطالب مستقبل الجامعة (ليس كلّ طالب)


 استغراق جميع أفراد الجنس

كاد المعلّم أن يكون رسولا نقصد الجنس واستغراق (ال) لكلّ فرد من أفراد ذلك الجنس:

     الطالب له تكوين في التعليم الثانويّ   (كلّ فرد من ذلك الجنس: كلّ طالب)

    

 

ال الزائدة

(الـ)ـذي (الـ)ـرشيد

 (ال) لا تزيد الاسم تعريفا لأنّه اسم معرّف بطبعه:

                   المعتصم ـ الله ـ القدّوس  ـ اللذان ـ اللائي

ال الوصليّة

الرجل (الـ)شجاع

تقبل التعويض بالاسم الموصول (الذي، التي، الذين...)

 الرجل الشجاع (الرجل الذي هو شجاع) / النساء الماجدات (اللواتي هنّ ماجدات) 

 

2 ـ إحالة الحروف والظروف على العلاقات:

أ ـ الحروف:

الحرف معناه في غيره فهو لا يحيل بذاته على شيء موجود في الواقع بل يحيل على العلاقات التي قد تجمع بين تلك الأشياء مثل التمييز والمكانية والحاليّة والاستثناء... والحروف بذلك لا تحيل على ذات أو حدث كما في الأسماء والأفعال بل هي تحيل على ما يجمع بين الذوات والأحداث من علاقات دلاليّة تحصل خاصّة في التركيب.

ففي قولنا (رجل وامرأة) يحيل حرف العطف (و)على علاقة الربط بين ذاتين (رجل/ امرأة). ونلاحظ أنّ العلاقة التي يحيل عليها الحرف قد تتغيّر بتغيّر السياق فمثلا: جاء وهو يضحك (الحاليّة) [تختلف عن] سرت والطريق (المعيّة)

حرف الجرّ

العلاقات المعجميّة

أمثلة

مِنْ

التمييز /  الابتداء في المكان

فقيه مِن القيروان / قدِم من الأندلس

إلى

انتهاء الغاية

وصل إلى الحدود

إلاّ

علاقة الحصر

 لا إلاه إلا الله

لو

علاقة الشرط

لو خرجت من جلدك لم أعرفك

ما       موصول حرفيّ

علاقة الوصل

قلْ ما تُريدُ

فـَــ

السببيّة

اجتهدْ فـــتنجح

وَ           حرف العطف

الربط

سلام  و رحمة

ب ـ الظروف:

الظرف اسم لازم الإضافة يشبه الحرف لأنّه لا يحيل على شيء موجود مثل الاسم و لايصف حدثا مرجعيّا مثل الفعل بل يحيل على علاقة بين شيئين، فهو من الأدوات التي تربط بين الموجودات وتحيل على ما بينها من علاقات، ومنها أساسا العلاقات الزمانيّة والمكانيّة. ومن أمثلة العلاقة بين أمرين التي تحيل عليها الظروف نجد:

علاقة مكانيّة: القيام قبلَ الشروق ـ العفو بعدَ الخصام ـ

علاقة زمانيّة: يصفحُ حينَ يغضبُ ـ فصيح إذا تكلّم ـ عرفته إذْ تكلّم.

من أكثر الظروف استعمالا: فوق ـ تحت ـ أمام ـ قدام ـ خلف ـ وراء ـ تجاه ـ عند ـ لدن ـ لدى ـ بين ـ وسط ـ سوى ـ مع ـ دون.

 الخلاصة:

الإحالة المباشرة

إحالة مباشرة

جميع الأفعال

جميع الحروف

الأسماء

صورة ذهنيّة لتحقّق الحدث

تصوّر العلاقة في الذهن

الظروف وأشباهها (غير سوى) قبل بعد حين

الأسماء النكرة

الاسم المعرّف الدال على الجنس

الاسم العلم

كتب

يحاول

احترسْ

دحرج

احمرّ

 قدم في عجل (الحاليّة)

 

رطل من القمح

(بيان النوع)

 

اجتهد فــتنجح

(علاقة السببيّة)

باستثناء الظروف المحيلة على مقام التلفّظ  والتي تدلّ بطريقة غير مباشرة عن طريق المقام

وهي ( هنا، الآن هنالك هناك)

1ـ جنس: شجر، رجل، حجر

الإنسان، العلم،  الحيوان، النحو

زيد

المأمون

عبد الله

تونس

القيروان

 

المأمون: (ال) زائدة

(ال) الجنسيّة

قد تستغرق خصائص الجنس دون جميع أفراده

العلم نافع (ليس كلّ علم بنافع)

2ـ ما دلّ على الحدث:  كريم، اعتدال

جرّار،

(ال) الجنسيّة قد تستغرق جميع أفراد الجنس (المخّ مركز التفكير)


 



















الإحالة غير المباشرة

إحالة غير مباشرة

مقاميّة

(بتوسّط المقام)

مقاليّة

(بتوسّط سياق القول)

اسم الإشارة

من هذا؟

 

اسم إشارة يعود على قول سابق:

الأمر فادح. هذا من تدبيرك

الكرماء يتصدّقون، وأولئك من المفلحين

ضمائر الحضور: المتكلّم المخاطب

أنا، أنتَ ، أنتِ، نحن، أنتما، أنتم أنتنّ

اسم إشارة إلى  قول لاحق:

هذا موجز الأخبار: نزل الغيث

بعض الظروف المحيلة على مقام التلفّظ:

هنا، الآن، هنالك هناك

ضمائر الغياب (عائدة إلى مفسّر سابق): هو هي هم هما هنّ

ضحك الطفل. إنّـه متفائل

(الطفل) مفسّر والضمير (ـه) عائد

الأسماء المعرّفة بـ(ال) العهد الذكريّ تشكّلت حكومة. الحكومة بدأت العمل

الأسماء المعرّفة بـ(ال) العهد الحضوريّ

القسم واسع جدا (=هذا القسم)

الاسم الموصول يتعرّف بصلته التي تتبعه:

الرجل الذي لقيته من أهلك

الأسماء المعرّفة بـ(ال) العهد الذهنيّ (العلميّ) الفريق سينتصر مجدّدا (ما نعرفه ذهنا)